إضافة إلى المعطيات الواردة في المصادر الأدبية القديمة، ساهم البحث الأثري في إضافة بيانات هامة حول تاريخ فيرادي مايوس قبل الفترة الرومانية. فقد أثبتت الحفريات أهمية المبادلات بين سكان هذا الموقع ومحيطه المحلي والمتوسطي منذ القرن الثالث ق. م. ثم تطورت الوضعية القانونية لفيرادي مايوس في العهد الروماني من   أوبّديوم في فترة يوليوس قيصر إلى درجة مدينة «منكيبيوم" في القرن الثاني ميلادي ثم ارتقت، في تاريخ غير محدد، إلى درجة المستوطنة الرومانية الشرفية. وخلال القرن السادس ميلادي أشار المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس القيصراني إلى الثراء الفلاحي لمجال مدينة فيرادي مايوس إبان الغزو البيزنطي. وعلى عكس العديد من المدن القديمة، لا توجد بهذا الموقع الكثير من الآثار المسيحية، غير أن المصادر تعرّفنا على إسمي أسقفين من مدينة فيرادي مايوس سنة 411 وسنة 484 ميلادي.

ويمكن زيارة هذا الموقع الأثري الهام عبر مسلك يؤدي إلى مدخل المدينة. فقد مكّنت الحفريات الأثرية التي أجريت في محيط الساحة العمومية من الكشف على بعض المعالم الهامة التي يمكن للزائر التعرف عليها.

الحمام العمومي، هو أول معلم يتوقف عنده الزائر. ويتكون هذا الحمام الذي يمسح حوالي 500 م² من عدة فضاءات مختلفة الوظائف. فالمدخل يؤدي إلى بهو ومنه إلى فضاء صحي نصف دائري أو إلى قاعة فسيحة ذات أرضية مزدانة بالفسيفساء هي على الأرجح حجرة الملابس. ثم هناك فضاءات متتالية حسب درجات الحرارة حيث يكون المرور من القاعة الباردة إلى القاعة الدافئة فإلى القاعة الساخنة.

مدخل المدينة: يوجد مدخل المدينة في طرفها الشمالي وهو عبارة عن باب فخم ذو قوس يرتكز على دعامتين مزوقتين في واجهتهما الخارجية بكوتين لاحتواء الآلهة حامية حمى المدينة.

السوق: بعد اجتياز مدخل المدينة، يجد الزائر على يساره السوق وهو عبارة عن فضاء شبه مستطيل يحيط به رواق مبلط. كما توجد به خمسة دكاكين في الجانب الشمالي وثلاثة دكاكين في الجانب الشرقي.

الساحة العمومية: فيرادي مايوس هي واحدة من المدن الإفريقية الرومانية القلائل التي لها ساحتان عموميتان. فالساحة القديمة هي عبارة عن فضاء شاسع مبلط. أما ساحة "الفوروم" فقد تمت تهيئتها في العهد الروماني ويحيط بها رواق من الناحية الجنوبية والشرقية والشمالية.

المعالم الدينة: يرتبط موقع مدينة فيرادي مايوس بوجود عين مياه عذبة وهو ما يفسر بناء معبد لإله المياه "نبتون" بين الساحة القديمة وساحة "الفوروم". و يتميز هذا السبيل بأقواسه الخمسة التي يحتوي كل منها على حوض.و قد وُجدت قاعدة تمثال الإله نبتون في القاعة التي تفتح على الحوض الأوسط من الناحية الجنوبية. بالإضافة إلى هذا المعلم الديني بني معبد في أعلى الهضبة الموجودة شرقي المدينة وقد خصص للآلهة حامية الموقع والذي حول في الفترة البيزنطية إلى معلم محصن.

المدرّج: بني هذا المعلم على التخوم الغربية لمدينة فيرادي مايوس ويتميز بشكله البيضاوي ومقاسات تصل إلى 55 م بالنسبة لمحوره الكبير و40 م لمحوره الصغير.

وقد بينت البحوث الأثرية أن الفضاء الممتد بين الساحة العمومية والمدرّج كان في العهد الإمبراطوري الأول حيا سكنيا. وقد تحول هذا الحي في نهاية الفترة الرومانية إلى حي حرفي ازدهر خاصة في العهد الوندالي. واختص في انتاج الفخار الجيد كما عُرف أيضا بانتاج الجير في الفترة البيزنطية.

يمثل توقف الإنتاج في هذا الحي الحرفي في النصف الثاني من القرن السابع ميلادي بداية الهجر النهائي لمدينة فيرادي مايوس.