نظرة عامة
أقيمت هذه الزّاوية تخليدا لذكرى الصّحابي الجليل أبي زمعة البلوي الذي وافته المنيّة سنة 34هـ/ 654م على إثر معركة ضدّ الجيوش البيزنطيّة قرب عين جلولة وقد دُفن جثمانه بموضع القيروان قبل تأسيسها. ويذكر أن هذا الصّحابي كان يحمل معه شعيرات من الرّسول دُفنت إلى جانبه . ويرجع تاريخ بناء المقام فيما يبدو إلى العهد الحفصي. ثم قام حمودة باشا سنة 1072هـ/1661م بإضافة المدرسة. كما تولّى محمّد بن مراد سنة 1092هـ/1681م إعادة بناء الضريح.
ويتألّف المقام من العناصر التّالية:
1-مخزن كانت تودع فيه المواد والمنتوجات المتأتّية من الأحباس والهبات.
2-العلــوي المخصّص للباشا فوق المخزن وكان يستعمل للمسؤول عن المجابي
3-المدرسـة: وهي ملاصقة للمخزن وتتميّز ببيت صَلاتها المستطيلة والعميقة والتي تتألّف من بلاطتين يتصدرها المحراب الذي تعلوه قبّة ذات رقبة مضلّعة. وللمدرسة صحنان أحدهما محاط بالأروقة من الجهات الأربعة التي تتوزّع حولها غرف الطّلبة. وتنتصب عند الزّاوية الشّماليّة الشّرقية المئذنة ذات التأثيرات الأندلسية والمزخرفة بمربّعات القاشاني التي تعلوها عقود متجاوزة ومتوأمة وشرفات مسنّنة فريدة في القيروان والتي تذكّرنا بمئذنة جامع القصبة بتونس.
4-الضّريــح : ويُسلك له عبر مدخل منكسر مكسو بمربعات من الجليز التونسي يؤدّي إلى بهو يفتح على قاعة مغطّاة بقبّة مزخرفة بالجصّ على الطّراز الأندلسي وهي تتقدم الصّحن الكبير المخصّص لإقامة الطّقوس المختلفة وتحيط به أروقة أربعة جدرانها مغطاة بالجليز الملوّن وتعلوها لوحات من الجصّ المزخرف المنقوش. أمّا مقام أبي زمعة فهو عبارة عن قاعة مربّعة تغطّيها قبّة مدهونة بزخارف نباتية وهندسية حديثة( ق13 هـ/ 19 م) . ويُبرز مقام الصّحابي أبي زمعة البلوي انسجاما كبيرا بين مختلف مكوّناته المعماريّة وروعة في الزّخرفة ويعكس التّأثيرات الجديدة على العمارة التونسيّة وهي، من ناحية، التأثيرات التركيّة ومن ناحية ثانية التأثيرات البيزنطيّة والأندلسيّة الواردة عبر الهجرات القسريّة للعنصر البشري الأندلسيّ . وتختلط هذه التأثيرات بالموروث المحلي الذي خلّفته المدرسة المعماريّة القيروانيّة. ويُعتبر أبو زمعة البلوي الشخصيّة المقدّسة الأكثر زيارة من قبل كل التونسيين. وفي مقامه تُعقد الزيجات ويُختن الصّبية وإليه تُهدى أوّل زربيّة تنسجها كل فتاة قيروانيّة.
