بُنيت هذه الزاوية في القرن 8هـ/ 14م، على يدي الفقيه أبي عبد الله محمد الجديدي الذي توفي أثناء أدائه لفريضة الحج سنة 785هـ/1384م، فخلفه تلميذه أبو سمير عبيد الوافد من جبل غريان بليبيا. ومنذ ذلك التاريخ أصبح المقام ثم المدرسة يعرف باسمه. ويبدو أنّ المعلم قد شهد عديد الترميمات و التوسيعات عبر القرون، غير أنه يبقى من الصعب تتبّع تطوّره بصفة دقيقة نظرا لغياب الوثائق.
نلج إلى الزاوية عن طريق مدخل منعطف على غرار البيوت القيروانية وهو ينفتح على صحن مبلّط برخام مزخرف بضفيرة تتكوّن من أشكال هندسيّة من رخام أسود.ولقد عُرف هذا النوع من التبليط في تونس منذ العهد الحفصي بميضاة السلطان وانتشر بافريقية خصوصا في العهد العثماني. وتحيط بالصحن أربعة أروقة مكسوّة حيطانها بلوحات من الجصّ وبمربّعات من الخزف. ويتكوّن كلّ رواق من هذه الأروقة الأربعة من ثلاثة عقود متجاوزة تتنزّل في صميم تقاليد البناء القيروانية.
وتنتظم جميع هذه العناصر في تناسق بديع يحترم النسب بين المنحنيات ومختلف الخطوط المستقيمة وهي تنمّ عن مقدرة المهندس الفائقة في صياغة المعلم.
وتوجد عند المجنّبة القبلية بيت للصّلاة ذات ثلاثة أساكيب وثلاث بلاطات تشكل المثال الهندسي التقليدي للمساجد الإسلامية .
وفي الجهة الشمالية الشرقية يقوم المدفن الذي يحتوي إلى جانب ضريح سيدي عبيد قبر السلطان الحفصي مولاي الحسن المتوفى سنة 958هـ/1550م وهو مغطّى بسقف رائع مدرّج من الخشب المطلي يتركب زخرفه من عناصر هندسية وأخرى نباتية وأقواس تتكرّر في تتابع منتظم على ما هو معروف في المخزون الزخرفي والمعماري الاندلسي.
ويعلو هذا السقف من الخارج قبّة هرمية مكسوّة بالقرميد الأخضر، و هي تذكرنا بقبّة مقام حمودة باشا (1041-1076هـ/ 1631-1666م) وقبّة زاوية سيدي قاسم الجليزي بالعاصمة
وتتكوّن ملحقات المعلم الأخرى في الطابقين الأرضي والأول من غرف ضيقة مخصصة للطلبة. أمّا الركن الجنوبي شرقي فيفضي إلى صحن ثان محاط بمجنّبات تعلوها تيجان بيزنطية و زيريّة وأعمدة مزخرفة بأختام وبكتابات كوفية تمّ جلبها فيما يبدو من موقع صبرة العاصمة الفاطمية .
ويقود هذا الصحن إلى الميضاة ثم إلى سقيفة تفضي إلى خارج الزاوية.