نظرة عامة
يشكل الرباط مربعا منحرفا طول ضلعه ستة وثلاثون مترا مبنيا بالصخر وقد خلت أركانه من الأبراج الدائرية عدا الركن الغرب/شرقي حيث تقوم منارة دائرية رائعة الجمال ذات قاعدة مربّعة وهي تستلهم نمط المآذن العباسية الذي انتشرت في المغرب منذ نهاية القرن 8 م. وتتوسط الجدران الخارجية أبراج نصف دائرية ماعدا في الجهة الجنوبية حيث تقوم سقيفة مستطيلة تسبق المدخل الوحيد لهذه القلعة الصغيرة ويبدو أنه مستوحى من مداخل القصور العباسية بأخيضر وعطشان اللّذين أثّرا تأثير عميقا في الهندسة الخارجية لرباط سوسة.
وبالفعل فأنّ رباط سوسة هو صورة طبق الأصل من المثال الأوّلي لرباط المنستير الذي بناه هرثمةمؤسس كثير من المنشآت العسكرية الأخرى الشبيهة على طول الجبهة الشرقية .
يعلو سقيفة الرباط جهاز يتكوّن من فتحات لرمي المهاجمين بالأثقال والزيوت وتغطيه قبة أقيمت على عقود زوايا من الصخر المنحوت وهي تمثل أقدم ما وصلنا من هذا المثال من القباب الذي سينتشر بإفريقية عبر العصور .
ومن السقيفة ندخل إلى قاعة مسقوفة بقبو متقاطع حيّد التناظر كأنه يؤكّد بقاء بعض التقاليد البيزنطية والرومانية، أمّا الصحن فهو يحتل وسط الرباط وتحيط بها أروقة أربعة تستند عقودها إلى أعمدة من الرخام المنحوت وتغطيها سلسلة من الأقباءالمتقاطعة أو الطولية .
ولقد تمّ تجديد الجناحين الغربي والشرقي سنة 1722م. ويتكون الطابق الأرضي من ثلاث وثلثين غرفة ضيقة مسقوفة بأقباء طولية مبنية من الصخر. ونصعد إلى الطابق الأول بفضل مدرج ينفتح على ممرّ تحيط به الغرف من كل جهة عدا الجانب الجنوبي المخصّص لبيت الصلاة وهي تتكوّن من تسعة أساكيب وبلاطتين أمّا حائط القبلة الذي هو نفسه سور الرباط فتنفتح فيه أقواس للرماية وهكذا يستطيع المصلّون أن ينقلبوا في أيّ لحظة إلى محاربين يدافعون على الرباط. وليس ثمّة سمة أخرى تبيّن بأكثر وضوح الميزة المزدوجة للرباط فهو مؤسسة دينية وعسكرية في الوقت نفسه.
