يكاد الباحثون في العصر الحديث يجمعون على نعت هذا الحمام بالأنطونيني، نسبة إلى الإمبراطور أنطونينوس الورع (138-161)، الذي قد يكون ساهم في انجازه. ويعود تاريخ افتتاح المجمّع إلى عام 157 (أو 159م). وقد تم الفراغ من انجازه في عام 162 عقب إنشاء الأروقة وبقية المباني الملحقة الخارجية. واستُخدمت في عملية بناء هذا الحمام مواد مختلفة منها: الحجر الرملي الصدفي، والكذّال (الحجر الجيري) المستجلب من حمام الأنف والحجر الجيري الصلب من جبل الجلود والغرانيت الأحمر والرمادي من إيطاليا والرخام الأبيض من بنتيليكا و وبروكونيزي والرخام السيبوليني من أوبويا والرخام الأصفر من شمتو والحجر الإسفنجي والحمم البركانية من صقلية والمرمر من جبل الوسط.
وتُعتبر هذا الحمام، التي شيد بالقرب من شاطئ البحر الأضخم في مقاطعة إفريقيا (حيث يمسح 850،17 مترًا مربعًا وترتفع هذه المساحة الى711،19مترًا مربعًا إذا أخذنا بعين الاعتبار القاعات التي كانت مفتوحة للعموم غير أنها تقع في الطابق السفلي ومخصصة بشكل أساسي للخدمات). وبذلك يتجاوز هذا الحمام بكثير مساحة حمام هادريان في لبقيس الكبرى (لبدة بليبيا الحالية) التي يمتد على أكثر من 6000 متر مربع. وقد حال قرب الحمام من البحر دون إنشاء مباني الخدمات في الطابق السفلي، وكانت هذه المباني، وهي الوحيدة التي ما تزال بارزة للعيان في الموقع، تحتل الطابق الأرضي، وكان الوصول إليها يتم مباشرة من البحر، الذي كانت تُستجلب عبره الكمية الهائلة من الوقود اللازم لتشغيل الفرناق.
وقد أملى صغر مساحة الأرض المتاحة، تخطيط الحمام بالطول. وكان الدخول إليه يتم عبر أربعة أبواب، وهو مُعد للعمل على مدار السنة، باستثناء فضاءات معينة، مثل حوض السباحة ذي الاستخدام الموسمي. وكان الحمام ذات مخطط تناظري وغرف مزدوجة. وكان يمكن لكل مستحم أن يستخدم ستة غرف وفقًا لمسلك تناظري.
وكانت الحمامات في الأصل مختلطة، لكن ومع انتشار الفضائح، قرّر الإمبراطور هادريان (117-138) الفصل بين الجنسين، وتخصيص الحمامات للنساء في الصباح وللرجال في فترة ما بعد الظهر. وكان المستحمون يسددون رسوما متواضعة للغاية، على أن الدخول للحمامات كان في بعض الأحيان مجانيًا تمامًا.
وظل المعلم في حالة استخدام الى نهاية القرن الرابع الميلادي - وتحديدا فيما بين سنتي 388 و392 بعد الميلاد - حين انهارت أقبية الغرفة الباردة. غير أن ذلك لم يسفر عن التخلي عن مجمّع الحمامات واستمر استخدام الأجزاء التي بقيت صالحة للاستعمال. وأدى انهيار قبو القاعة الساخنة الكبرى في القرن الخامس إلى بداية التخلي عن الحمام وتركيز ورشة خزف في الطابق الأرضي. ولعل نقطة التحول في تاريخه جدّت عندما عمد آخر ملوك الوندال الى تدمير القناة (الحنايا) التي كانت تجلب المياه الى قرطاج، مما أدّى إلى حرمان المعلم من المياه اللازمة لتشغيله بشكل جيد.
ولئن كان تاريخ التخلي عن الحمام نهائيا غير معروف بدقة، فيبدو أن ذلك تم في وقت مبكر من منتصف القرن السابع، حيث انتصب عمّال المحاجر في الطابق السفلي. وتم نقل أعمدة كاملة من الحمام لإعادة استخدامها في مساجد القيروان وتونس... كما كانت قطع الرخام والغرانيت تُحمّل على قوارب وفي بعض الأحيان تُصّدر الى بلدان بعيدة مثل تركيا أو إيطاليا على وجه الخصوص. ويُقال إن كاتدرائية بيزا قد بُنيت جزئياً بمواد البناء المستجلبة من قرطاج.