تُعتبر البرك الأغلبية من أهم وأشهر المنشآت المائية في العالم الإسلامي، وهي واحدة من مجموعة خمسة عشر بركة كانت تقع خارج أسوارالقيروان وتزوّد المدينة بالماء.
ولقد ظلّت عظمة هذه المنشآت المائية الأخّاذة تدهش كلّ المؤرخين والجغرافيين العرب وهو ما جعل القيروان تكتسب في القرون الوسطى لقب مدينة المواجل .
وتُزوّد البرك بالماء عن طريق انسياب مياه الأمطار وكذلك انسياب بعض فروع واد مرق الليل التي تصب في المنخفضات المحيطة.
و في الأعم الغالب يمتلك القيروانيوّن أبارا ومواجل في بيوتهم وتستثمر المياه المتجمّعة في هذه البرك الأغلبية، على ما يبدو، أيّام الجفاف كما يستفيد منها أفقر الأهالي فضلا على تزويد القوافل بالماء وسقي المواشي.
ولقد أنشا هذه البرك الشهيرة الأمير الأغلبي أبو إبراهيم أحمد بين 246 و248 هـ/ 860 و862 م وهي مبنية بالصخر المكسوّ بطلاء سميك ومقبّب في الأعلى وتتكون من ثلاثة عناصر أساسية :
البركة الصغيرة: يبلغ قطرها 17 م ويحيط بها جدار متعدّد الأضلاع يتكون من سبعة عشر دعامة داخلية وستة وعشرين خارجية تراوح فيما بينها والهدف من ورائها تدعيم المبنى حتى يقاوم ضغط المياه. وهي دعامات نصف إسطوانية الشكل تعلوها نصف كرة. أما سعة هذه البركة فهي4000 م3 وتتمثل وظيفتها في تنقية المياه ممّا تجرفه معها من فضلات وبقايا. وتنساب المياه بعد تصفيتها بهذا الأسلوب إلى البركة الكبيرة عن طريق فتحة تسمىالسرح
البركة الكبيرة: وهي ذات شكل متعدّد الأضلاع وتدعمها أربع وستون دعامة داخلية ومائة وثمانية عشر خارجية ويبلغ قطرها 128م. أمّا عمقها فيبلغ 4,80م وتتجاوز سعته 57000م3. وتتوسط البركةَ الكبرى دعامةٌ متعدّدة الأركان كانت تعلوها في الماضي قبّة تُستغلّ جناحا للترفيه.
وتُوظّف هذه البركة الكبرى لخزن المياه الضرورية لحاجات الحياة اليومية. ولكن عملية الخزن هذه تسمح في نفس الوقت بتصفية أجود للمياه التي يُستعمل النصيب الأكثر صفاء منها للشرب ويُصبّ في مواجل خاصة بسحب الماء.
مواجل تخزين الماء:وهي تتكون من خزّانين متوازيين يتصلان بالبركة الكبرى اتصالا متعامدا وهما مسقوفان بقبو طوليّ يقوم على عقود سقف تستند إلى أعمدة ركائز، وتتجاوز سعة كلّ خزّان 1000 م3.
إن هذه البرك بأبعادها الشّاسعة و التي كانت وليدة الحاجة تمثل نموذجا معماريا فريدا من نوعه يمتاز بصلابته وتناسق أحجامه وهي تعبر عن معركة المدينة ضد القحط و شح الماء.