المتحف الجهوي بالمهدية
أحدث المتحف الجهوي بالمهدية سنة 1997 بالمقر القديم للبلدية مع المحافظة على الواجهة الأصلية للمبنى التي ترجع إلى سنة 1913. حضي المتحف بمزقع مثالي في وسط المدينة أين يطل على ساحة "سيدي مطير" و يلاصق البوابة الضخمة للمدينة الفاطمية و المعروفة بالجهة ب " السقيفة الكحلاء" و التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن 10م.
يرتكز التصميم السينوغرافي لهذا المتحف على نظام "مسلك الزيارة الحر" و الذي يمكن الزائر من إمكانية اختيار طريقة جولته بالمتحف. هذا التصور الميزوغرافي للمتحف وجد ضالته في الشكل الهندسي الذي اختاره مصمم المبني حيث قام بإحداث متحف مفتوح خال من الحواجز يمتد على ساحة جميله تقدر ب1350م 2 من بينها مساحة عرض تبلغ 900م 2 موزعة على طابقين أرضي و علوي و مخزن للتحف تحت أرضي. لإعطاء فضاءات العرض بالمتحف أكثر انفتاحا و مرونة تم التركيز على إضاءتها باستعمال الضوء الطبيعي المتأتي من الفتحة الضوئية بسقف الطابق العلوي و من النوافذ الكبيرة بالطابق الأرضي حتى أنه أضبح يعؤف "بمتحف الضوء".
يساهم المتحف الأثري و الاثنوغرافي بالمهدية بالتعريف بالمحطات الكبرى للتاريخ المجيد لمنطقة المهدية. يتخذ مسلك الزيارة خطا زمنيا يمر عبر أربعة فضاءات دائمة للعرض.
من بهو المتحف يشد انتباه الزوار جانب من سور المدينة الفاطمية الملاصق لـ "باب زويلة" و تقديمه ضمن العرض المتحفي.
خصص الطابق الأرضي لعرض الآثار القديمة فالقسم الللوبي _ البوني يركز على الإكتشافات في علاقة بالشعائر الجنائزية بكل من مواقع "هنشيربوشبيب" و "بئر التلالسة" و "الحكايمة". الخزانة الأولى من هذا الجناح تعرض نماذج من النقائش البونية تجسم طقوس نذرية. في بقية الفاضاء نجد مجموعة ثرية من الفخار الجنائزي المحلى اليدوي و المستورد مثل الجرار البونية الإسطوانية الشكل و الأواني ذات الإستعمال اليومي مثل الأطباق المصحوبة بالقرتبين و قوارير الزينة و الجرار الصغيرة.
بينما يبرز القسم الروماني _ الإفريقي الرخاء الاقتصادي و الإزدهار الثقافي لمدن منطقة المهدية. ذلك أن معروضات اللوحات الفسيفسائية الجميلة المتأتية من مدينة الجم (رأس قرقوني وأرفي يفتن الحيوانات قرن IIIق م) والتماثيل الأنيقة من الرخام الأبيض و مجموعة التحف الفخارية و الطينية و الأواني الرائعة المصنوعة من الزجاج كلها تعبر عن مستوى رغد العيش و البذخ الذي بلغته المنطقة في العصر الروماني.
وقد ساهمت قاعة متعددة الأنشطة في إشعاع المتحف على محيطه المحلي و الجهوي فالي جانب دورها التنشيطي هي فضاءا مفتوحا لعديد المتدخلين للقاء و العرض في مختلف المواضيع المتعلقة بالمجال التراثي و الثقافي.
الطابق العلوي للمتحف يلج اليه الزائر عبر مدرجين و يتيمو بانفتاح فضاءاته التي خصت لعرض التحف الإسلامية للخلافة الفاطمية و الزيرية خلال القرنين X و IXم فضلا عن نماذج من الحلي و اللباس اتقليدي لمنطقة المهدية.
في الجانب الأيسر لهذا الطابق يشد اهتمام الزائر شواهد القبور المنقوشة على الرخام الأبيضبخطوطها الكوفية الرائعة كذلك التحف الفخارية المتأتية من حفريات رقادة و صبرة المنصورية و أيضا بعض العينات من خشب منبر جامع القيروان الأعظم (قرن IX م).
القسم الإثنوغرافي يعتبر من المحاور الأساسية في العرض المتحفي و يقدم عينات متنوعة و ثرية من اللباس التقليدي الفخم لجهة المهدية مثل "الرداء الحرير" و"الفرملة" و "الحزام" و "القوفية" و "القمجة". في نهاية جولتنا بالمتحف تشد قاعة الكنوز بسحر ضوئها الخافت انتباه الزوار لتقد لهم في سينغرافية خاصة كنزي رقة و الشابة من العملة الذهبية المتداولة خلال الفترة البيزنطية و عينات من المخطوطات الرقية و مجموعة ثرية من الحلي التقليدي الذي مازلت المرأة في ربوع المهدية متشهبة بارتدائه خلال مراسم الزواج.
تنتهي الجولة بالمتحف من خلال استمتاع الزائر من فوق سطح "السقيفة الكحلاء" بالمناظر الخلابة المطلة على كمل مدينة المهدية.