يقع المتحف على مسافة عشرة كلم جنوب غرب مدينة القيروان ولا يبعد إلا بضع مئات من الأمتار عن الموقع الأثري لمدينة رقّادة، ثاني عاصمة للدولة الأغلبية. وأما الفضاء الذي يحتضنه فهو إقامة رئاسية سابقة تعود إلى سنة 1969 وتم إهداؤها لوزارة الثقافة. وقد تم تدشين المتحف يوم 14 نوفمبر 1986 تحت اسم المتحف القومي لفنون الحضارة الإسلامية. ويُعتبر متحف رقادة أكبر المتاحف المخصصة للآثار الإسلامية بالبلاد التونسية ويضم نفائس ذات شهرة عالمية أهّلته لأن يكون قبلة للمهتمين بالتاريخ الإسلامي وهمزة الوصل في كثير من مشاريع الشراكة الاورو- متوسطية.
ويتألف المتحف حاليا من سبع قاعات مفتوحة للعموم هي على التوالي:
قاعة الجامع الأعظم: وتضم مجموعة من أخشاب الجامع الأعظم مثل الأغربة ونوافذ وشرفات وباب لمقصورة المعز بن باديس، كما تعرض بعض قطع المنبر الاغلبي وقد أُثريت هذه القاعة ببعض أخشاب سقف الجامع الحاملة لزخارف نباتية وكتابية بالخط الكوفي ويتوسّط القاعة مجسّم خشبي للجامع الأعظم ونسخة جصية لكسوة المحراب الأغلبية .
قاعة الخزف والفخار : وتضم مجموعات مختلفة أكثرها متأتية من الحفريات الأثرية التي دارت بموقعي رقّادة وصبرة المنصورية وتغطي الفترة ما بين القرنين الثالث والخامس الهجريين (ق 9-11 م)، وتتضمن مجموعة من الأواني والأدوات الفخارية وأواني الخزف المطلي ذات الزخارف النباتية أو الهندسية أو المجردة أو الكتابية أو الزخارف المجسمة لأشكال حيوانية وبشرية يغلب عليها التحوير، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الأواني من الخزف ذي البريق المعدني من أصول شرقية اقتناها المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب من القاهرة. كما تُعرض في هذه القاعة مجموعة من قراميد الكساء الجداري ذي البريق المعدني عُثر عليها في حفرية قصر البحر برقاّدة (ق3-4 هـ / 9-10 م) إلى جانب مجموعة من مربعات الخزف المستورد من ازنيك (تركيا) والتي تعود إلى القرن 10 هـ / 16 م ومربعات خزف مصنوعة في ورشات القلالين بتونس العاصمة تعود إلى القرن 11 هـ / 17.
قاعة الفسيفساء: تُعرض فيها لوحات فسيفسائية إسلامية جُلبت من موقع رقّادة وقصر القائم بالمهدية.
قاعة النقائش : تحتوي على بعض النماذج من النقائش القيروانية التخلدية وشواهد القبور من مقبرة قريش ومزولتين واحدة فاطمية والأخرى عثمانية. ويُعدّ الشريط الرخامي المكتوب بخط كوفي مورّق ومحزز والذي يعبر عن أوج توازن الكتابة العربية وجمالها، من أشهر القطع المعروضة.
قاعة المخطوطات: تضم هذه القاعة عددا من النفائس التي حُفظت في مختلف المكتبات القيروانية ولعل أهمها مكتبة الجامع الأعظم. ومن أبرز القطع المعروضة ورقات من الرق الأزرق وورقات من مصحفي الحاضنة والمعز بن باديس التي تتميز بروعة خطوطها وزخارفها. هذا بالإضافة إلى منمنمات من مصاحف أخرى رسمت بماء الذهب وألوان أخرى بديعة. وهنا وهناك قطع من مصاحف بخطوط مختلفة من الحجازي المائل إلى الريحاني إلى خطوط قريبة من الكتابة المغربية وربما كانت المؤسسة لها. وتُعرض بهذه القاعة أيضا مجموعة من التسافير الجلدية المزخرفة بتقنيات عالية الدقة منها ما يعود إلى القرن الثالث للهجرة (التاسع للميلاد). وتضم هذه القاعة أيضا مصاحف وكتبا مختلفة في التفسير والحديث وقد حظيت هي الأخرى بعناية زخرفية بالغة من تأطير وتذهيب ومنمنمات متنوعة غاية في الروعة.
قاعة البرنزيات (قاعة القبة) : تضم مجموعة من مشاكي الإضاءة تعود إلى الفترة الوسيطة ولعل أهمها مشكاة المعز بن باديس التي كانت تضيء الجامع الأعظم. وفيها أيضا مجموعة من الأواني والمصابيح البرنزية وأيضا مجموعة أدوات طبية للجراحة. كما توجد أختام رصاصية وأشكال حيوانية صغيرة تستعمل للزينة.
قاعة العملة والتاريخ الاقتصادي : وتضم مجموعة من الدراهم الفضية الأجنبية المتداولة بافريقية (بغداد، جي، شابور، المحمدية، دمشق، الكوفة، واسط، البصرة، سجستان، سرقة، الأندلس، الباب ....). وتضم كذلك خزائن للعملة الأغلبية والفاطمية (بما فيها القطع التي ضُربت زمن ثورة صاحب الحمار أبي يزيد مخلد بن كيداد سنة 333 هـ / 944-945 م) وللعملة الصنهاجية والموحدية والحفصية والعثمانية. وتضم هذه القاعة أيضا خزانة مخصصة للموازين المختومة والصنوج البلورية التي كان يستعملها المحتسب للمراقبة في السوق الإسلامية.
كما يحتوي المتحف على قسم تربوي مخصص للأنشطة التراثية الموجهة للشباب من تلاميذ وطلبة.