تقع مدينة سلقطة (سلّكثوم القديمة) على الساحل الجنوبي لمدينة المهدية، مهد علم الآثار تحت المائية، التي عُثر قبالتها على حطام سفينة غرقت في القرن الأول قبل الميلاد. تربط سلقطة علاقة متينة بالبحر. ويعود بناء متحفها الصغير إلى الثمانينات من القرن الفارط، وهو عبارة عن متحف موقع، الغاية منه احتضان وعرض القطع الأثرية التي تم العثور عليها بموقع سلّكثوم القديمة وبعض المستوطنات الساحلية الأخرى المحيطة به. وقد نشأت هذه المدينة المرفئية وامتدت حول هضبة رأس سلقطة، انطلاقا من العصر البوني وربما في حقبة سابقة، حيث تتوفر شواهد أثرية على استيطان ظاهرها (حول العالية) خلال عصور ما قبل التاريخ.
وقد أتاح ميناء سلكثوم العميق للمدينة استقبال السفن الضخمة وتطوير شبكة تجارية مهمة في وقت مبكر جدًا. وتوجد في سلكثوم اليوم مجموعة متنوعة من المواقع الأثرية العائدة إلى عدة فترات زمنية غابرة. ويمكن للزائر اكتشاف المقابر البونية ذات المدارج والحمامات الرومانية وأحواض تجفيف الأسماك والغاروم والعناصر المعمارية المغمورة للميناء والقبور المسيحية المحفورة في الأرض (دواميس) فيما يعرف حاليا بغار الضبع. ويتيح متحف المدينة الإطلاع على شهادات حية حول هذا التراث الثري والاستمتاع بها. وقد خُصصت إحدى قاعاته الأربع لعرض لوحات الفسيفساء ولعل أبرزها تلك اللوحة التي تمثل أسدا. وقد تم العثور عليها خلال حفريات جرت في منزل أحد كبار تجار سلكثوم. أما اللوحة الفسيفسائية الشهيرة الثانية، فهي نسخة طبق الأصل تم انجازها بدقة متناهية للوحة التي تشير إلى مدينة سلكثوم، باعتبارها مرفأ تجاريا بارزا، والموجودة في المبنى المعروف بمقر نقابات الحرفيين (بيازا دي كوربورازيوني) بمدينة أوستيا الإيطالية، التي تُعد أهم مرفإ روماني خلال القرن الثاني الميلادي. وخُصصت قاعة ثانية لعرض مجموعة من الجرار المصنوعة من الفخار والعائدة إلى الفترة الممتدة من العصر السابق للفترة الرومانية إلى العصر البيزنطي. ولعلّ أبرز ما يميّز هذه الجرار هي الأختام والنقوش المرسومة عليها والتي تشير إلى اسم السفن التي نقلتها أو التجار الذين استوردوا المواد التي حفظت بداخلها أو حتى اسم مالك الفرن الذي صنعها والذي كان طرفا في تجارة المدينة. وبالإمكان في قاعة ثالثة الاستمتاع بمجموعة من القطع الأثرية المصنوعة من الفخار والتي تم العثور عليها في سياق أثري جنائزي مرتبط بتابوت خشبي قديم عُثر عليها في حالة جيدة للغاية.
ويحتوي بهو المتحف على شواهد قبور ونقائش نذرية تم العثور عليها في أنحاء مختلفة من المدينة. ويمكن استكمال زيارة متحف سلقطة بالإطلاع على المقبرة البحرية العائدة الى العصور القديمة المتأخرة.